الاثنين، 3 يوليو 2017

تنسيق الحدائق

نباتات الزينةالشوكية تتزين بها الحدائق الصخرية وتشكل لوحات نابضة بالحياة

تتنوع نباتات الزينة وتتباين فيما بينها، من حيث أشكالها وألوانها، لتشكل لنا لوحة فنية رائعة، تنبض بالحياة بتفاصيلها المتنوعة، فيما هي تقبع في الساحة الخارجية من مساحة المنزل، فكل نوع من النباتات نجد أنه يتميز بمواصفات ينفرد بها عن سواه، مما يجعله ملائماً لأن يشغل مكاناً معيناً لا يبدو غيره قادراً على ملئه. حتى نرى التأثير الجمالي الفعال الذي تضيفه النبتة في ثنايا الحديقة. ومنها نباتات الزينة الشوكية وهي تحمي نفسها بأشواكها التي تزيدها جمالا.
يطلعنا على عالم هذا النبات وأنواعه المنسق عمر أحمد. موضحاً أن النباتات الشوكية عنصر هام في تنسيق الحدائق ورسم ملامحها، فهي عادة ما تستخدم في إنشاء الحدائق الصحراوية، أو الحجرية، نظرا لكونها مشتقة من طبيعة تلك البيئة، وجزءاً لا يتجزأ منها، إضافة لكونها تنمو في الأماكن التي لا تستطيع الكثير من النبات التزينية الأخرى أن تنمو فيها، خاصة أن معظم أنواع هذه النباتات، البالغ عددها أكثر من عشرة آلاف نوع، قد تتحمل الحرارة والضوء وشح الماء. وهذه النباتات المتباينة في أشكالها واحتياجاتها قد يحتوي بعضها على أشواك، تظهر في أنواع منها وتختفي في أخرى، وتزينها مجموعة زاهية من الأزهار بألوان وأشكال مختلفة.
عاشقة للصخور
من مميزات هذه النباتات الشوكية أنها تستخدم بشكل واسع في تصميم الحدائق الصخرية. حيث تتم زراعة بعض العصاريات والشوكيات بجانب العشبيات الأخرى، مع إضافة الصخور المدفون نصفها في التربة، والتي عادة ما تظهر في أحسن صورة لها، إذا ما أنشئت على تل أو منحدر مواجه للمنزل، حيث تكون محطة مهمة قد تستوقف النظر للوهلة الأولى. كما يمكن أن تجد بيئتها المثالية في الحدائق الصحراوية. ونجد أن جذوع الصبار تعمل كمخزن للمياه فتتضخم في حالة وفرة المياه لتخزنه بين ثناياها، وتنكمش في حالة استهلاك تلك المياه، في فترة الجفاف الطويلة. وتكون عادة مغطاة بطبقة شمعية تقلل تبخر المياه منها، وفي حالة سقوط الأمطار تنزلق المياه على الطبقة الشمعية إلى الأرض فلا تتبخر بل تمتصها الجذور. ونجد أن وجود القليل من الفتحات في سطحه تسمح بتبادل الهواء وتقلل من تبخر المياه. وهذه الفتحات لا تفتح إلا مساء لامتصاص ثاني أوكسيد الكربون، حين تكون نسبة الرطوبة عالية والحرارة منخفضة، ومعدل التبخر منخفض. فالصبار له القدرة علي تخزين ثاني أوكسيد الكربون على هيئة مركبات كيميائية ليستخدمهُ في عملية التمثيل الضوئي عند سطوع الشمس في نهار اليوم التالي، وغالبية أشكال الصبار أسطوانية أو دائرية، وهذا يقلل حجم السطح بالنسبة إلى الحجم الكلي، مما يقلل التبخر مع الحفاظ على السعة العالية لتخزين المياه. وبعضها له جذور عميقة ليصل إلى المياه الجوفية، والبعض الآخر له جذور تنمو بسرعة فائقة وتمتد أفقياً لمسافات شاسعة عند هطول الأمطار لتجميع المياه. ويوجد نوع من الصبار العملاق يستطيع امتصاص 3000 لتر من المياه في عشرة أيام. وباستطاعة الصبار أيضا امتصاص الرطوبة من الندى.
ميزات إضافية
يضيف أحمد قائلا: من مميزاتها أنها أيضا تعمل على تثبيت الرمال في الأماكن الصحراوية، كما يمكن زراعتها على المنحدرات والأماكن غير الممهدة والأراضي الرملية التي تصعب زراعتها بأنواع أخرى من نباتات الزينة، وتستخدم بعض أنواعها في عمل الأسيجة لعزل الحديقة عن عبث الحيوانات، ويمكن زراعتها في أصص وأحواض، وتستخدم بعض من أنواع الصباريات مستخلصاتها لعلاج بعض الأمراض وفي إنتاج ثمار وألياف نباتية.
كما نجد الكثير من النباتات الشوكية يمكن زراعتها في أصص صغيرة للتنسيق الداخلي، حيث تزرع في أوان فخارية أو زجاجية أو أحواض، بغرض استخدامها للتجميل الداخلي أو وضعها في الشرفات أو على حدائق الأسطح، لذلك يجب استخدام وسط يحتفظ بكمية من الماء تكفي لسد حاجة النباتات، ويفضل إضافة نسبة من البيت موس وخلطة بالرمل والطين، كما يضاف إليه مقدار قليل من السماد سوبر فوسفات الكالسيوم.
أنواع متعددة
يتابع محدثنا قائلا: هناك العديد من الأنواع والأشكال من هذه النباتات التزينية الشوكية التي قد تصل أنواعها إلى أكثر من عشرة آلاف، ونستعرض بعض الأنواع المهمة من هذا النباتات الشوكية منها نبات الصبار هذا النبات العصاري الشهير يمتاز بالساق الطويل، والأوراق المتشحمة وهي سميكة مسننة الحافة، أما الأزهار فهي عنقودية صغيرة، أنبوبية الشكل حمراء أو صفراء، تجود زراعته في الكثير من أنواع الأراضي، خاصة الصحراوية، لكونه يتحمل الحرارة ونقص المياه إلى جانب أشعة الشمس المباشرة. أما النوع الآخر فهو أبتنيا، وهو نبات زاحف وسريع النمو، ونجد أوراقها قلبية متشحمة، يمكن زراعته في الأرض مباشرة، كما يمكن استخدامه في الحدائق المنزلية كمغطٍ للتربة، وأيضا في البلكونات والحدائق الصخرية، وهو يعطي أزهاراً بنفسجية وحمراء.
والنوع الآخر اكينوكاكس، أو ما يسمى بعمة القاضي، وهو نبات شوكي كروي الشكل، متشحم بطيء النمو، يعطي أزهارا صفراء، ولا يترك خلفات بجوار الأم إلا بعد فترات طويلة جدا، عادة ما تجود زراعته في الأماكن الجيرية والحدائق الصخرية، ويمنح الحدائق المنزلية بعدا جماليا رائعا.
وهناك أيضا جلد النمر أوراقه قائمة سيفية خضراء أو مخططة بالأصفر أو الأبيض، كثير الخلف عادة ما يصل طول نبتته إلى 70 سم، ويكثر استخدامه في الحدائق الصحراوية، ونجده أيضا كجزء مكمل في عملية تنسيق الحدائق المنزلية، كما يمكن أن يزرع في أصص وفي أحواض على مداخل الحدائق أو عند الأسوار. ونجد كذلك نبات السيرس، وهي ذات ساق لحمية متفرعة إسطوانية أو مضلعة، حيث توجد الأشواك على حواف الأضلع، وعادة ما يعطي أزهارا عديدة الأشكال والألوان، ويستخدم في زراعة الحدائق الصخرية. وهناك أيضا نوع أخر يسمى ستابليا وهو نبات عديم الأوراق سيقانه مضلعة ثلاثية، رباعية أو خماسية، يعطي أزهارا جميلة يمكن زراعتها في أصص ويوضع في الشرفات وفي حديقة المنزل.
أساليب متعددة
من حيث عملية تكاثر هذا الصنف من النبات يوضح أحمد قائلا: عادة ما تتكاثر هذه الشوكيات بوسائل عديدة: منها ما يتكاثر خضرياً بواسطة الفسائل الصغيرة التي توجد حول الأمهات، والناتجة من البراعم الخضرية الموجودة على السوق القريبة من سطح التربة أو المدفونة فيها أو من الأوراق الشحمية بعد غرسها من قواعدها في التربة أو من الأجزاء الساقية التي تحتوي على برعم خضري أو أكثر بطول 5 سم.
وهذه الوسيلة تعتبر الوسيلة الأساسية لتكاثر معظم الصباريات أو النباتات العصارية، ومنها ما تزرع بالتطعيم، وهي تستخدم مع بعض الأنواع مثل عمة القاضي على بعض أنواع السيلرس، وهناك طريقة أخرى، حيث يتم فصل النباتات الصغيرة التي تنمو على الشماريخ الزهرية أو حواف الأوراق، ويمكن فصله وزراعتها وهي تنمو نموا سريعا. كما وتزرع البذور في أي وقت من السنة، أما الإكثار الخضري فيجري عادة خلال الربيع والصيف والخريف، ومن حيث ري هذه الشوكيات فيفضل الاعتدال في ريها على أن تكون هناك فترة جفاف تتبادل مع فترات الري، كما يجب إطالة فترة الري خلال الشتاء ويفضل زيادتها في الصيف وأثناء التزهير ونمو الخلفات، مع توخي إسقاط المياه على المجموع الخضري للنباتات حتى لا تتعفن القمم الخضرية، كما وجد أن الري المنتظم عادة ما يؤدي إلى تدهور الكثير من النباتات الشوكية.
ونجد أن هناك العديد من النباتات الشوكية يمكن زراعتها في الأرض مباشرة دون الحاجة إلى تربيتها في المشاتل.

الحدائق المنزلية تحف متناغمة تعكس بيئات متمايزة ومتماثلة

مساربها التاريخية متنوعة لكنها تتقاطع عند جمالية المشهد

تعد الحدائق نوعا من أنواع الفنون الجميلة التي انتقلت من بيئة إلى أخرى، وتأثرت بمختلف الثقافات ليكون لها نهج وأنظمة فنية معينة، ولتظهر بالصور التي تحاكي طبيعة ومعتقدات الشعوب وثقافتهم، وما تتوفر في بيئتهم من أدوات ومواد تراثية، تصور من خلاله ملامح هذه البيئة التي تعتبر تحفة جمالية ترسو بهدوء في الحديقة المنزلية، هذه اللوحات المتعددة إنما تنبض بمعاني فنية رائعة تنقلنا إلى بيئات طبيعية مختلفة من خلال تصاميمها الثرية والمتعددة الأفكار.
خولة علي (دبي) – يعرفنا المهندس الزراعي أحمد القصبي على مراحل تطور هذه الحدائق التي أصبحت في وقتنا الحالي بمثابة تحفة جمالية تأخذ مساحة معينة من الحديقة.
حيث يشير القصبي إلى انه يمكن أن نتعرف على صور وأنظمة الحدائق التي انتقلت من عصر إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى، حيث نجد في بعض منها تأثيراً واضحاً للمعتقدات الدينية والثقافة التي رسمت أبعادها، ولتفاصيل وجدت في كثير من الأحيان لأغراض دينية ليس إلا، في بعض المجتمعات، فكل نظام حدائقي نجده قد تأثر بالتطورات التي حدثت في بيئته.
معايير هندسية
لو عرضنا تاريخ تطور هذه الحدائق، يقول القصبي، التي بدأت أساسا عند القدماء المصريين، حيث اقتصرت ملكيتها فقط على الملوك والكهنة، دون الشعب، لوجدنا نمط الحديقة قائماً على نظام هندسي محدد، حيث تتوسطها أحوض الماء مستطيلة الشكل، وتحيط بها مجموعة من أشجار الظل التي تقف في صفوف منتظمة، وبالانتقال إلى حدائق الأشوريين والبابليين في دجلة والفرات، نجد الطراز السائد في هذه الحديقة هو التناظر الهندسي، حيث كانت في مستويات منتظمة على هيئة مصاطب متدرجة من ستة مستويات أو أكثر، وأقيمت الحديقة على هذا الطراز نظرا لشح الماء وقلة الأمطار، وأقيمت الأعمدة على حوافها الخارجية منعا لانهيار المصاطب، وأسفل هذه المصاطب يوجد بركة تتدفق إليها المياه في شكل شلالات ويزرع حول هذه البركة مجموعة من الأشجار منها الجوز الرمان، القرنفل البنفسج والورد وشقائق النعمان، وقد ظهرت فنون تنسيق الورد وحدائق خاصة، من أهمها حدائق بابل المعلقة التي عرفت كأحد عجائب السبع، وقد بناها الملك آنذاك، نزولا عند رغبة زوجته وتكريما لها. حيث تميز هذا الطراز بفصل حدائق الزينة عن حدائق البساتين، وقد تمت زراعة أنواع مختلفة من النباتات تزهر في مواسم مختلفة على مدار السنة، والتصميم عادة ما يكون على شكل مربع أو مستطيل، ثم يقسم إلى محاور عرضية وأخرى طولية وفق أقسام متساوية ومتوازنة ومتماثلة، كما نجد التماثيل حاضرة وبقوة في هذا النمط من الحديقة.
حدائق فارس المائية
يضيف المهندس القصبي قائلا: أما الطراز الفارسي الذي نقل أساسا من الأشوريين بعد غزوهم، والذي كان منقولاً أساسا من القدماء المصريين، فتتميز تصميماته بسياقات هندسية منتظمة الشكل، منها ما هو معلق ومنها المسطح أيضاً، ولكن العنصر الأساسي هو عنصر المركزية. ويعتبر الفرس أول من ابتكر الحدائق المائية، وتميز هذا الطابع بالابتكار والإبداع حيث نقلت الرسومات وتصميمات الحديقة على السجاد، كما تميز الفرس بإقامة أحواض النباتات العشبية وتم توزيعها بنظام جميل حول الحديقة بحيث تحيط كل أجزاؤها بإطار زهري متعدد الألوان في تنسيق بديع وجذاب، وقد اهتم الفرس باستخراج العطور من الزهور. أما الطراز الإسلامي فنجده يسير وفق العادات والتقاليد، حيث يتميز هذا النمط بالتحفظ وإحاطة المباني بالأسوار العالية، ويغلب عليه الطراز الهندسي المنسق، فنجد أقسام الحديقة متناظرة، والوحدات منها مربعة الشكل ومستطيلة على طرق متعامدة، وعادة ما يكسو أرضيتها بلاط ملون، ووزعت الأسوار العالية حول الأسوار لحجب المناظر الداخلية حيث نجد الشلالات والنوافير.
النموذج الهندي
بالنسبة للطراز الهندي من الحدائق يقول محدثنا إنه يمثل مزيجا بين الفرعونية والفارسية، وقد ظهرت فيه بكثرة التصميمات والأحواض المائية في شكل فساقي وميادين مائية، واهتم الطراز بالمعمار على حساب تنسيق استعمال النباتات، واستخدم عنصر النبات لاستكمال صورة الميادين والنافورة حيث نجد الأشجار والشجيرات المنتظمة والمخروطية الشكل كما استخدم أحواض الزهور.
إرث اليابانيين الحدائقي
يستكمل القصبي حديثه قائلا: أما الطراز الياباني فهو ليس وليد عهد أو حقبة معينة، وإنما يعد ثروة قومية يتوارثها اليابانيون على مر العصور، كما وارتبطت الحديقة ووجودها بمعتقداتهم الدينية حيث اتخذ من الحديقة مكانا للعبادة والتقديس وليس فقط للزينة والتمتع بمناظرها الجميلة، وتقوم الفكرة العامة في تصميم الحديقة على وجود البحيرات الطبيعية، يعلوها جسر أو ممر خشبي، وحول البحيرة تلال تزرع عليها الأشجار والشجيرات، وتترك أيضا عليها مساحة للجلوس، وعادة ما تقوم الحديقة وسط بحيرة جزيرة صغيرة يمكن الوصول إليها عن طريق عمل جسر من الحجر أو الخشب، ويمكن زراعة شجيرة أو شجرة كبيرة ومتهدلة في وسط الجزر، وعادة ما تكون ممرات الحديقة متعرجة بشكل طبيعي أيضا، وتنتشر فيها الحجار المسطحة مع استخدام النباتات المستديمة الخضرة بكثرة في هذه الحديقة مع استخدام النباتات المتساقطة الأوراق بصورة قليلة، والتركيز على النباتات والأشجار المزهرة بوجه خاص، حيث تتم زراعتها بطريقة متتابعة، ومن أهم ما يميز الحدائق ذات النمط الياباني عدم وجود المسطحات الخضراء حيث نجد عوضا عنها الرمال والأحجار، كما نجد الانسجام في توزيع النباتات فكل مجموعة نباتية تعطي فكرة أو مدلولا خاصا، حيث الأشجار الصغيرة الكبيرة تزرع بشكل معين لتعطي فكرة الغابة، كما أن غير محددة المساحة فقط تكون كبيرة وواسعة أو قد تكون مصغرة.
العصر الفرنسي الذهبي
يشير القصبي إلى أن الطراز الفرنسي، الذي عرف بعصر لويس الرابع عشر، يعتبر العصر الذهبي لفن تنسيق الحدائق وقد وصف هذا الطراز بالعظيم حيث يشهد على ذلك حدائق قصر فرساي ويتمتع هذا الطراز بالنمط الهندسي المتناظر والخطوط المستقيمة مع سيادة التماثيل والنوافير، ولخلق إيحاء بالاتساع كان يعمد إلى عدم إنشاء أسوار للحديقة للاستفادة من المناظر الطبيعية خارج نطاق الحديقة، وزراعة الأشجار بمستويات متدرجة في صفوف حول الطرقات والمشايات، بحيث تتواجد أطوالها في المقدمة واقصرها في أبعد نقطة وكذلك من حيث اختلاف مسافات الزراعة بينهم فهي نجدها تضيق تدريجيا كلما ابتعدنا. ثم أتى طراز الحديقة الانجليزية، الذي يطلق عليه التيودوري، نسبة إلى المصمم الانجليزي الذي أبدعه ورسم ملامحه، حيث نجد تصميمه هندسي النمط، ويسود فيه عنصر التشكيل بالأشجار والشجيرات الموزعة بطريقة منتظمة، ونجد أيضاً الطرق والمشايات مستقيمة هندسية الشكل تعلوها المظلات والنباتات المتسلقة، ويتم تقسيم الحديقة وعزلها عن بعضها البعض بواسطة الأسيجة النباتية التي يتم تشكيلها وقصها، وكل جزء من هذه الحديقة المقسمة تخصص لزراعة باقات من الزهور، أو يمكن أن تستخدم لزراعة النباتات الشوكية، وغيرها الكثير. ولكن لمحة سريعة على الطراز الإغريقي والرماني تعطينا فكرة عن حدائق للقصور شبيهة بحدائق الفراعنة من حيث تواجد الأقسام المتناظرة والمنسقة على الطريقة الشرقية بالنافورات والتكاعيب التي أقيمت على أعمدة مبنية حول التماثيل الإغريقية، ونجد نباتات الصنوبر والزيتون بكثرة في التنسيق.
الطراز الايطالي
النمط الايطالي يعد خليطاً بين الإغريقي والروماني، حيث قسمت الحدائق إلى قسمين قسم للملوك التي ادخل فيها ولأول مرة أقفاص الحيوانات والقسم الآخر للشعب ذات مساحة واسعة، ونجد فيه التنسيق المنتظم للنباتات المخروطية الشكل. إلى أن ظهرت فلسفات تدعو إلى الأخذ بمظهر الطبيعية من حيث تراكيبها وتنسيقها الفطري، وذلك للتنفيس عن الكبت الواقع على الأفراد نتيجة لتطور ظروف الحياة، وبعد أن سئم الناس من الطراز الهندسي المنتظم عندها تم التوجه إلى مضاهاة الطبيعية من خلال التنوع ودمج أنماط عدة من الحدائق بطريقة فنية أقرب إلى الطبيعية البكر، في ما يمثل تحرراً من قيود النظام الهندسي.

الرغل نبات فاعل في استصلاح الأراضي الملحية

ينتشر نبات الرغل بريا في العديد من المناطق الصحراوية والسبخات فهو ينمو في مناطق جبل علي، الشارقة وعجمان، حتا، والفجيرة ، نظرا لما يتميز به من مميزات خاصة كإمكانية نموه في العديد من الاراضي وتحمله الجفاف والحرارة العالية والرطوبة والملوحة والرياح والهواء الرطب المشبع بالملوحة .
حيث يشير الخبير الزراعي مدحت شريف من إدارة الحدائق ببلدية دبي إن الرغل شجيرة مستديمة الخضرة ذات معدل نمو سريع تستخدم في أغراض عديدة كأسوار سريعة التكسية نظرا لقدرتها السريعة على إعادة تكوين أعضائها وأوراقها إذا قلمت تقليما جائرا كما توجد منها بعض الاصناف الصغيرة التي تصلح للزراعة كمغطيات التربة وهي تتحمل الحرارة المرتفعة والرطوبة المرتفعة والرياح والملوحة والجفاف .
وساقها قائم يصل إلى 1-2 متر كثيرة تفرع الاوراق صغيرة بيضاوية أو دائرية تميل الى اللون الفضي أو اللون الرمادي والازهار خضراء مبيضة وتوجد أصناف من الرغل أزهارها محمرة اللون الجذور منتشرة وعميقة .
ويضيف شريف قائلا : يتم ري الرغل المزروع كاسوار نباتية أو مغطيات التربة من خلال شبكة ري بالتنقيط مصممة لتزويد سور الرغل بـ15متر ماء يوميا لكل متر طولي ونفس الكمية للمتر المربع من مغطيات التربة خلال فصل الصيف وتكون هذه الشبكات تحت رقابة عامل المنطقة والذي يقوم بالاصلاحات البسيطة ، ويراعى تخفيض فترة الري بنسبة 25% خلال فصل الشتاء لمد المتر الطولي من اسوار الرغل أو المتر مربع من الرغل المزروع كمغطيات التربة بـ11 لترا من الماء يوميا . ويتم قص وتهذيب أوراق الرغل من ثلاثة أوجه وذلك باستخدام المقصات اليدوية بمعدل 60 مترا في الساعة . ويتوقف المظهر العام لسور الرغل على هذه العملية حيث ان إهمالها سيؤدي إلى فقدان السور لشكله الهندسي بالاضافة إلى تخشبه عند أجراء القص بعد فترة الاهمال ويتم قص اوراق الرغل بمعدل مرة واحدة شهريا وهي الفترة المناسبة لعدم فقدان السور لشكله وضمان عدم تخشبه . الاسوار النباتية تعد أحد أهم العناصر النباتية للتنسيق الزراعي حيث يجب الاهتمام بها لابراز جمالها والمساهمة في تجميل المناطق خاصة وأن معظمها يتميز بسرعة وغزارة نموها وقابليتها للقص والتشكيل لاكسابها اشكالا هندسية مختلفة من خلال هياكل خشبية بالاشكال المطلوبة ووضعها وتثبيتها بجوار السور النباتي ويقوم البستاني بقص السور النباتي بنفس شكل هذه الهياكل وعادة يكتمل شكل السور بعد القصة الثانية أو الثالثة على الأكثر ويكون القص بعد ذلك مجرد عملية تهذيب مع المحافظة على الشكل الهندسي للسور النباتي . وحول عملية تسميدها يوضح شريف قائلا : يتم تسميد نبات الرغل بسماد عضوي في الشتاء حيث يفضل عمل خندق بجوار السور النباتي ويتم وضع السماد به ويقلب مع التربة ويتم بعد ذلك تشغيل نظام الري . ومن حيث التسميد الكيميائي يفضل استخدام الأسمدة الورقية النتروجينية وذلك لتحقيق نتائج سريعة لضمان اخضرار ونضارة الاسوار النباتية ويتم تكرار ذلك ثلاث مرات سنويا وتستخدم الاسمدة السائلة بمعدل لتر واحد لكل 1000 لتر ماء لتسميد 600 متر طولي من الاسوار النباتية ، أيضا يتم استخدام الاسمدة المركبة بطيئة الذوبان الموجودة على هيئة أقراص وذلك بوضع 4 أقراص لكل متر حيث يوضع قرص أسفل كل نقطة من نقاط الري . ولابد من إزالة الاعشاب الضارة ومنها الحامول فهو من أخطر الاعشاب المتطفلة والتي تسبب إصابات وبائية على شكل نموات صفراء أنبوبية تغطي السور النباتي ، ويمد هذا النوع من الاعشاب ممصات داخل أوعية نباتات الاسوار للحصول على الغذاء ، فيجب ازالة السور النباتي تماما مع التربة وتطهير الموقع . ومن استعمالات وفوائد هذه الشجيرة فإضافة الى استخدامها كسور نباتي ، فتستخدم أيضا في مجال استصلاح الأراضي ، حيث يمكنه أن يمتص املاح التربة مما يمكننا من زراعة الارض مرة أخرى بنباتات أخرى اقل تحملا للملوحة ، كما أن أوراقه تؤكل طازجة ، فهو غني بفيتامين أ ، كما ان له استخدامات طبية حيث تستخدم أجزاء النبات لعلاج حالت نقص فيتامين أ ، ومستخلص النبات يستخدم كمسكن ومهدئ لآلام الالتهابات.

الأصص الحجرية تحف تنقلنا إلى أجواء الحدائق الرومانية

تأتي الأوعية والأحواض بأشكال وأنواع مختلفة، ما يصعب عملية انتقائها واختيارها التي يجب أن تتم بحيث تتلاءم مع تفاصيل الحديقة وتتجانس مع مفرداتها، لتصبح حاضنة مثالية جيدة لنوعية النباتات التي يمكن أن تزرع فيها.
تختلف هذه الاوعية من حيث تصاميمها واحجامها وخاماتها فمنها الثابت الذي يتم بناؤه ضمن تفاصيل العناصر الانشائية في الحديقة ومنها المتحركة التي يمكن نقلها من مكان إلى اخر وتوزيعها وتحريكها وفقا لرغبة صاحب الحديقة.
تتوفر في الأسواق نماذج وخامات متنوعة من الاصص أبرزها النوع الحجري الذي ينقلنا إلى الحدائق الرومانية الزاخرة بمجموعة فنية رائعة من الاشكال والنماذج الحجرية على شكل فازات كبيرة تحمل باقة من الزهور الملونة والتي تفرض نوعا من التناغم والجمال بين ثنايا هذه الحدائق، فينشر عبقها في ارجائه.
ويقول سالم عادل المتخصص في الأحواض الحجرية: إن هذا النوع من الأصيص تستخدم بشكل كبير وواسع في الحدائق بأنواعها، وتمتاز بمظهر جمالي حالم، وذلك لتعدد الأشكال والرسومات والزخارف التي يمكن استخدامها في عملية صنع هذه الأحواض التي تتمتع بمتانة الصنع وغير قابلة للتلف بسهولة لكونها ثقيلة الوزن عند تعبئتها بالتراب المستخدم لغايات زراعية وتثبت في مكان وضعها. وهذه الأحواض تصنع بمختلف الاقيسة والأشكال ويمكن إعطاء منظر جمالي لهذه الأحواض بإضافة بعض الزخارف والرسومات الرومانية ووفق مجموعة مختلفة من النماذج الفنية.
وعادة ما تنفذ هذه الأنواع من التحف الحجرية على أيدي فنانين مهرة في إيطاليا لهم باع طويل في التعامل مع هذا الفن القائم على النحت وعملية تشكيل نماذج فنية مختلفة ومتنوعة لا تقتصر فقط على الأحواض وإنما أيضا على النوافير والمجسمات والتماثيل بأنواعها التي تجسد الأحياء، فمنها تماثيل تصور بيئة ما وتحاكي نمط حياة تدور أحداثها في الريف والحدائق، وكل قطعة منها تجسد حكاية معينة وهذه القطع تمنح الحدائق إحساسا بالحركة والنشاط والمتعة والثراء في ثنايا المكان.
مراحل الصناعة
وحول مراحل صناعة هذه التحف الحجرية يقول عادل: عادة ما تحضر الخلطة الخرسانية باستعمال الإسمنت الأبيض والرمل الأبيض وحصمة سيل وتمزج بالمياه. ويتم صب هذه الخلطة في القالب حسب الشكل والزخرفة المطلوبة وعند انتهاء تعبئة القالب يتم وضع قواعد للحوض عبارة عن قطعة معدنية مفرغة، ثم يتم تركها حتى تجف وتتماسك جيدا ثم تبدأ عملية إزالة القوالب عن الخرسانة ويتم بواسطة فرشاة معدنية حك السطح الخارجي من الجوانب للقالب لإزالة الطبقة من الإسمنت الأبيض لتبرز الحصمة للخارج ويعطي شكل ديكور للحوض.
الزراعة في الاصص
ويضيف قائلا: تتم الزراعة فيه بوضع التربة الجيدة والسماد بعد خلطهما جيدا مع عمل حساب صرف ماء الري من هذه الاحواض. ويمكن أن تزرع نباتات مختلفة في هذه الاحواض قد تكون ازهارا او تكون نباتات متدلية لكي تتدلى أفرعها من على حافة الزهرية. ويفضل ان تكون هذه النباتات مزهرة، حتى تمنح القطعة إطلالة جمالية رائعة تنعكس على ملامح الحديقة فتزيدها رونقا وجاذبية.
ومن هذه الاحواض ما هو على شكل سلة من القش، او على شكل عربة قديمة، أو جرار، ومنها ما نجده يأخذ شكل مركبة قديمة، واعمدة رومانية حجرية، وهناك أيضا المقاعد الحجرية التي صممت لتحمل على كلا جانبيها قطعة من الاصيص، إلى جانب عدد من التماثيل الحجرية التي حملت فازات لتكون محطة لاحتضان اكاليل الزهور، والكثير من التشكيلات الحجرية التي تمنح الحديقة ثراء من نوع خاص.
الأصيص بحسب النبتة
ويضيف عادل قائلا: كما نجد أيضا عددا من الاحواض الحجرية على أشكال هندسية متعددة وواسعة، وتزرع بها مجموعة من النباتات تختلف باختلاف عرض ومساحة الاصيص الحجري فإن كان عريضا تزرع به مجموعة من شجيرات الزينة المزهرة أو الورقية تليها مجموعة من الازهار أما إذا نقص عرض الاصيص الحجري يستغنى عن الشجيرات وتبقى الازهار فقط ويراعى في هذا الجزء المحاط ألا يقل عرضها عن 2 متر وأن يراعى توزيع النباتات فيه بحيث يكون مزهرا طول السنة مثل الجارونيا والسلفيا او يمكن جعله مزهرا طول العام بتبادل زراعة الحوليات الشتوية فيه مع الحوليت الصيفية، كما يجب أن تكون مجموعة النباتات المزروعة به وفيرة الازهار متنوعة في الوانها او اشكالها ويحسن زراعة الالوان القوية في الاماكن المشمسة والالوان الباهتة في المناطق المظلمة.
الدور الجمالي
ونجد أن أحواض الازهار عادة ما توضع على المسطحات الخضراء فتكسر اللون، كما يراعى أن تكون عدد الاحواض على المسطح قليلة حتى لا تزحم الحديقة فتظهر وكأنها أصغر من مساحتها الحقيقية كما أن أحواض الزهور والنباتات قد تزرع في أماكن مستقلة بالحديقة في أحواض مختلفة الاشكال وبينها مشايات فتصبح بذلك حديقة مستقلة للازهار ويراعى في أحواض الازهار أن تكون في مكان مشمس معظم الوقت بقدر الامكان.
ويشير عادل قائلا: وعند وضعها على المسطحات يراعى ألا تكون حافتها الخارجية عند نهاية المسطح تماما اي على الطرق فإن ذلك ينبغي أن تكون هناك مساحة من المسطح لا يقل عرضها عن 50 مترا بين حافة الحوض والطريق كما يراعى فيه ألا تكون الاحواض ضيقة العرض فيكون منظرها رديئا والحد الادنى لعرض الحوض هو 70 سم كما يراعى في توزيعها أن يتعامد محور الحوض مع خط النظر بنظام متناسق حتى لا يكون هناك حوض خارج عن المألوف كما يراعى على سبيل المثال في الحديقة القائمة على النظام الهندسي أن تزرع الاحواض المتناظرة على المسطح والتي تجاور الطريق بنفس الازهار ونفس الالوان وان تكون ابعادها واشكالها متساوية.
ونجد ان أحواض الزهور المبنية هي ليست ضرورية في جميع انواع الحدائق بل إن إنشائها يكون حسب الرغبة والامكانيات المادية وتكون على اشكال عديدة وموجودة في مواقع مختلفة فمنها ما يكون على شكل درابزين حجري مفرغة من جانب واحد لتكون كوعاء يحتضن النباتات المتدلية، أو مجموعة من الأزهار ويوضع هذا الدرابزين عند درج المنزل، كما يمكن إنشاء عدد من الأحواض الثابتة في حديقة الأزهار المستقلة كنوع من التغيير ومنها ما يكون على المسطح الاخضر نفسه على انه في جميع الحالات يجب أن يراعى عمل نظام لها جميعا لكي تتخلص من الماء الزائد عن طريق تركيب ماسورة لها أسفل الاحواض والافضل أن ترص الاصص المربى به النباتات في هذه الاحواض مع تغييرها دوريا.
الأحواض المتنقلة
أما عن الأحواض الحجرية المتنقلة والتي يمكن حملها من مكان إلى آخر فيرى عادل: عادة ما توزع هذه القطع الجميلة من التحف الحجرية التي تحتضن النباتات في أماكن بارزة وظاهرة في الحديقة حتى تكون أمام مراى الزوار، يتمتع الحضور بجمالها الاخاذ، عدا عن تواجدها في المكان الملائم يزيد المكان رونقا وجمالا، وعادة ما توضع هذه القطع او الفازات الحجرية من الاصيص في بعض أجزاء الحديقة كفوق جانبي المداخل والشرفات والتراسات وعلى السلالم الخارجية او عند أركان النوافير ومصب الشلالات او حتى بجانب جلسة الحديقة، وعند تنسيق أي مساحة بهذه الاحواض يتم رص الزهور بجانب بعضها البعض حتى تظهر النتيجة على الوجه المطلوب. وتظهر الازهار غزيرة كباقة جميلة تضفي احساسا بالنعومة والرقة على المكان.

حدائق الجدران وسيلة مثالية للتغلب على ضيق المكان

تنوعت أشكال الحدائق وباتت تعرض بطريقة فنية مبتكرة، غير اعتيادية، فبعد أن كانت الحدائق مجرد بقعة محدودة من الأرض تحرث وتزرع فيها صنوف الشتلات والشجيرات، أصبحت تطعم بمفردات الحدائق التي حولتها إلى لوحة متكاملة في تفاصيلها وأجزائها، وما لبثت الحدائق أن غيرت وجهتها فبعد أن اعتدنا رؤيتها أفقياً، أصبحت الآن وبفضل الابتكارات التي تقوم بها الشركات، تتجه في خط عمودي، محدثة نقلة حقيقية في مفهوم الحدائق التي تقدم بصورة ملفتة بين الحين والآخر، هذه الحدائق التي تستند على الحوائط ساهمت في استنطاق الجدران وبث الحياة فيها، وجعل البيئة أكثر صحة وسلامة على مستخدميها لتكون عنصراً مثالياً وبسيطاً يمكن أن نحقق من خلاله مفهوم المباني الخضراء.
– يعرفنا جورج جوهان المهندس الزراعي في إحدى الشركات التي استحدثت هذا النمط من الحدائق، على نمط حدائق الجدران، والذي يقول: أصبحت الحدائق في الوقت الراهن ضرورة من ضرورات الحياة، وقد ظهرت أنماط وأصناف حديثة وأشكال متباينة ما لزم الأمر توظيف واستخدام المجموعات النباتية في التنسيق، ونظراً لتغيير شكل وطبيعة المنشآت السكينة، أصبح لزاماً انتقاء أنواع جديدة من النباتات تتحمل انخفاض الكثافة الضوئية داخل هذه المنشآت، كما نجد أن التصميمات الحديثة التي تنشأ بين الحين والآخر تتجه في نمطها إلى البساطة والبعد عن التعقيد، وقد تنوعت أيضاً فنيات الزراعة وطرق زراعتها وأماكن توزيعها بما يحقق نوعاً من المرونة في التعامل وتوزيع النبات وفق المساحة الموجودة في فراغات المنزل الخارجية والداخلية، كما استطعنا أيضاً وبفضل الابتكارات الحديثة، التي تحاول بعض الشركات الزراعية تنفيذها، إيجاد بعض الوسائل التي تساهم في جعل توزيع النبات بطريقة جمالية فنية أمراً بالغ الأهمية، وايضاً توظيف هذه النباتات وفقاً لأحجامها وأشكالها والتحكم بها بما يتوافق مع حجم المساحة المتاحة في المكان.
الحدائق المعلقة
ويضيف جوهان: بخلاف مجموعة الأنظمة الزراعية التي ظهرت في الآونة الأخيرة لخلق بيئة صحية آمنة للكائنات الحية، والتقليل من مخاطر الانبعاث الكربوني، وما تتلفظه الأجهزة والآلات من مؤثرات وغيرها من الأمور، فقد اتجه الكثيرون إلى الدعوة لنشر الرقعة الخضراء، وزيادتها سواء في المساحات الخارجية أو حتى في ثنايا الوحدات السكنية، وإنشاء المباني الخضراء، حيث تم إنشاء حدائق الأسطح التي تعد ابتكاراً قديماً متجدداً وآخذاً في الانتشار في جميع أنحاء العالم حيث سميت بالحدائق المعلقة، وأصبحت العديد من المراكز والمؤسسات تحمل على أسطحها حدائق بتصاميم مختلفة، ما نتج عنه الكثير من المؤثرات الإيجابية كالتقليل من الضوضاء، التي هي من سمة المدن الحديثة، وإيجاد متنفس للسكان أيضاًَ. وهذا النمط من الحدائق يعد عنصراً ووجهاً من أوجه توظيف الزراعة بطريقة هندسية فنية مبتكرة للسير على نظام المباني الخضراء التي أصبحت من أوجه المدن الحديثة، والنمط الآخر الذي يتجه إليه المهندسون الزراعيون، جعل الحدائق بعد أن كانت تسير على النمط الأفقي، تنطلق رأسياً حيث قد غطت مساحة ليست بسيطة من الجدران، بطريقة جمالية ملفتة، فمن الجميل أن ترى وأنت تسير في الطرقات مبنى يرتدي حلة خضراء، وينبض بالحياة بعد أن كان عبارة عن جدران أسمنتية صامته، ومملة.
تحقيق عنصر التوزان
ويوضح جوهان: هذه الحدائق المعلقة تبتكر طريقة فنية رائعة، وتبرز فيها جمالية العمل الفني والتشكيلي الذي يظهر لوحة طبيعية تزدان بها واجهات المباني، وهذه الأنظمة التي يتبعها بلان قائمة على أسلوب ثقافة الزراعة الرأسية، ويتطلب هذا العمل دراسة عملية دقيقة حول تحقيق عنصر التوزان ولضمان انتشار النباتات على واجهة المبنى بالكامل، مع توفير المياه اللازمة كي تنمو هذا النباتات التي تبدأ جذورها بالبحث عن المياه، ولكن التقليم والتشذيب بين الحين والآخر أمر ضروري حتى تحافظ هذه الحديقة على شكلها، ولا تنمو عليها النباتات بطريقة عشوائية مما يشوه أيضاً مظهر وشكل المبنى. كما أن الصيانة أمر لا بد منه في هذا النمط الذي ابتكرة بلان حتى لا يتأثر المبنى ويتهالك بفعل الرطوبة.
ويشير جورج قائلا: نمط الحدائق المعلقة، الذي قام به باتريك بلان قد خلق منظومة فريدة، في كيفية عمل حدائق عمودية على الحوائط دون اللجوء إلى الزراعة المباشرة على الجدران وذلك من خلال صناعة عدد من الأحوض البلاستكية التي تتميز بخفتها، ويتم رصها بصفوف وأعمدة وفقا لمساحة الجدران التي نود تغطيتها بالغطاء النباتي، ويتم تزويد النبات بالماء من خلال فتحات تصل بأنبوب خاص يتم من خلاله سقي النباتات عبر فتحات جانبية موجودة في الأصيص، والجميل في هذه القطع أنها تملك قدراً من المرونة في التحكم بالمساحة التي نريد نغطيتها، من خلال إضافة هذه الأحواض أو التقليل منها، كما أن هذا النمط من الأصص الزراعية لا يلحق أي ضرر بالجدران فهي غير مزروعة بطريقة مباشرة عليه وإنما مثبة على الجدران بالأصص الزراعية، وهي معزولة تماماً عن الرطوبة، ما يخلق أجواء صحية آمنة في الفراغات الداخلية وعوضاً عن القيمة الجمالية فقد يستأنس المرء عند مشاهدتها والنظر إليها فترة من الوقت، مما يكون له الأثر الإيجابي على النفس.
حديقة الخضروات
وحول نمط انتقاء وتوزيع هذه الحدائق في ثنايا المنزل يقول جورج: أن هناك العديد من الألوان والأشكال التي يمكن أن ينتقيها المرء، بما يتوافق مع نمط الديكور الداخلي للمكان وتفاصيله، ولكن هذه الأصص المصفوفة مع الأيام سوف تكون نوعاً ما مغطاة بفعل النباتات التي تنمو فيها وتتدلى.
كما يمكن انتقاء الحوائط الداخلية التي يمكن إقامة هذه الحدائق عليها في المداخل على سبيل المثال أو في زاوية ما لجلسة رسمية، أو يمكن إقامة هذه الحدائق على حوائط الممرات الطويلة لتمنحها قدراً من الحياة. ويفضل استخدام نباتات داخلية صغيرة الحجم، تظهر الحديقة بشكل جذاب وملفت، وتحقق قدراً من التوزان والتناغم في المكان. ومن النباتات الداخلية التي يمكن زراعتها السرخس، هيدرا، وبعض المتسلقات، والمجال مفتوح لانتقاء أنوع النباتات الداخلية وفق ذوق المرء. مع مراعاة التنوع في الأصناف والألوان حتى تظهر الحديقة بشكل جذاب.
كما أنه يمكن استخدم هذا النمط في الحدائق العمودية لزراعة الخضراوات، لتحط بطريقة فنية رائعة في ثنايا المطبخ، فتكون الخضراوات طازجة يمكن قطفها وتناولها في الوقت ذاته، عدا عن أن هذه الحديقة تسد احتياجات المرء في تناول الخضراوات فهي تتمتع بمواصفات صحية، نظرا لإشراف المرء مباشرة على زراعتها، فلا يلجأ لوضع بعض المغذيات الكيماوية التي قد تضر بصحة المرء، فاستغلال حوائط المطبخ وإيجاد مساحة خضراء فيه، تعمل على خلق أجواء بيئية نقية. حيث يمكن زراعة كل أنواع النباتات العشبية التي تستخدم كطعام، منها الجرجير، البقدونس والكزبرة، والخس، الرشاد، إكليل الجبل، الفلفل الأخضر الصغير، الميرمية، الزعتر والنعناع، وكل ما يفضله المرء.
تربة رطبة
يؤكد جورج جوهان، أنه عادة ما يتم زراعة هذه الأنواع من النباتات والخضراوات في تربة الموس بيت، نظراً لخفة وزنها، كما أن هذه التربة تظل رطبة لفترة من الزمن، فلا تحتاج النباتات للماء دائماً، سوى مرة إلى مرتين أسبوعياً، عندما تنشف التربة تماماً من الماء. عندها يمكن إضافة القليل من الماء، دون زيادة حتى لا تؤثر على جذور النبتة وتؤدي إلى انتشار الفطريات ونحوه. كما لابد من متابعة هذه الخضراوات حتى لا تكون عرضة للأمراض، مع تقليم أوراقها عندما تظهر وتزدهر، ويحين وقت قصها، ورميها في طنجرة الطبخ. كما يمكن تجفيفها واستعمالها لاحقاً كعنصر غذائي لإعداد الوجبات، ولكن لابد من قطع الرؤوس عندما تبدأ القرون البذرية في التحول إلى اللون البني، ثم يتم تعليق الرؤوس في أكياس ورقية لحفظ البذور للزراعة القادمة.

الحدائق المنزلية تتألق بألوانها وأناقتها في الشتاء

ترتدي الحدائق المنزلية حلة الشتاء لتظهر متألقة وجذابة بألوانها وأناقتها وإطلالتها، بعد أن أزاحت عن نفسها ملامح الرطوبة والحرارة التي فرضت عليها شهورا طوالا لتتنفس الصعداء من جديد، فقد بدأ نسيم الصباح العليل يداعب سحرها وجمالها، وترسو على أغصانها العصافير بكل ود ولطف، لتكون مستعدة لاستقبال الزوار والضيوف، لتظل عنوان المنزل والانطباع الأول الذي قد يرتسم على وجوه الضيوف، لحظة أن تطأ أقدامهم المكان، فهي المتنفس الذي يجد فيه أصحاب المنزل فرصة تمضية وقتهم، والتخلص من ضغوطهم اليومية، من خلال الجلوس وشرب فنجان قهوة الصباح والتمتع بجمال هذه الطبيعة الساحرة، التي تمتلك مفاتيح السعادة والبهجة والاسترخاء، عند الولوج إلى عالمها.
في هذا الوقت من السنة، تكون قمة الاستمتاع بجمال الحديقة، حيث نرى أن الكثير من المنازل بدأت تكشف عن هذه اللوحة المرسومة بعناية إلهية، ومن بين هذه الحدائق اخترنا حديقة الطيار جرام أوليفر، لنتحدث عن جمالها ودقة تصميمها، فكثيرا ما يحن أوليفر ويشتاق إلى حديقته المصغرة التي تحيط بمنزله، من حين إلى آخر نظرا لظروف عمله الذي يفرض عليه التنقل والأسفار بعيدا عن المنزل. وقد أطلعنا أوليفر على حديقته التي جاءت لتعكس ذوقه وشخصيته، من خلال تفاصيلها الدقيقة، التي حرص على أن ينتقي مفرداتها بعناية ليشكل بها الصورة المرسومة في ذهنه حول مظهر وملامح ملاذه ومحطة راحته.
محطة مثالية
ويوضح أوليفر، أن الطبيعة بكافة أنواعها وأشكالها، تعتبر محطة مثالية للإنسان، ودواء ناجع له، بعيدا عن صخب الحياة الحديثة وملوثاتها التي جلبت الكثير من الأمراض والعلل، فوجود الغطاء النباتي إنما يساعد على امتصاص هذه الغازات السامة وبالتالي الإسهام في علاج مشكلة البيئة التي تهدد الكائنات الحية كافة.
فنشر الرقعة الزراعية وتواجد النباتات والأشجار في كل بيت أو حتى نشر الأوعية والأصص الزراعية لتطل على شرف المباني، هي مسؤولية مجتمعية، فمن لا يحب ان يستيقظ صباحاً على جمال نباتات وأشجار تزين فراغات منزله وردهاته، لتبعث فيه الحياة والنشاط، ومن لا يرغب بأن يتلذذ بهذا الجمال الرباني، وأن يجد بيته ومحيطه قد ارتدى حلة باعثة على الأمل والتفاؤل. فوجود الحديقة في وقتنا الحالي هي ضرورة من ضرورات الحياة، فعدا عن احتياجات البدن للهواء والمأكل والمشرب فأيضا نجد أن النفس بحاجة إلى جرعة من الراحة والاسترخاء التي تجلبها لنا الحدائق المنزلية.
طراز حديث
وحول ملامح الحديقة المبتكرة التي أراد صاحبها أن تكون كمنتجع يأوي إليه، عندما يريد أن يزيح عن نفسه ضغوط العمل ويريح أعصابه ليسترخي فيها حتى يستعد لرحلة أخرى، تتطلب قدرا من النشاط والحيوية والقوة والهمة، فقد أراد أوليفر أن يستغل الجزء المتاح من منزله وهو الفناء الخارجي له، ليضع أفكاره ويرسم ملامح الحديقة التي يتوق لها، ويجد فيها الراحة التي ينشدها، فنجد أن الحديقة تنتهج الطراز الحديث، وهذه الفلسفة قائمة على أن الحديقة هي امتداد طبيعي للمنزل وتخضع لاعتبارات أهمها راحة أهل البيت أكثر من استخدامها كمتحف للنباتات أو حتى كمجموعات للزينة فقط، حيث يتم إدخال عناصر أخرى تساهم في الترويح عن المرء، من خلال وجود بركة للسباحة، والتي أصبحت حلقة وصل بين المنزل والحديقة ومكانا للجلوس والاستمتاع والاسترخاء.
هذا التصميم الذي يربط المنزل بالحديقة يوحي باتساع ظاهري لها، في ذات الوقت يتم انتقاء النباتات والأشجار التي اتخذت مكانها عند سور المنزل لكسر جمود الجدران وصمتها. وعادة ما يميل هذا التصميم إلى البساطة والبعد عن التعقيد، لذلك يتم اختيار أنواع من الشجيرات التي لا تحتاج إلى تقليم وصيانة أو تسميد بصورة مستمرة، مع ضرورة استخدام مغطيات التربة بدلا من المسطحات الخضراء في الأماكن الضيقة التي لا تسمح بعمل هذه المسطحات، كما تم استنباط أنواع من الشجيرات والنخليات التي لها مميزات النموذج الفردي الكامل، لاستخدامها في التنسيق بدلا من زراعة مجموعات كبيرة العدد التي يمكن أن نشاهدها في تصميم بعض الحدائق الواسعة.
مظلات وجلسات
ونظرا لأهمية الأحواض في جلب المزيد من المتعة على أصحاب المنزل، فنجد أنها تتوسط حديقة أوليفر.. فهذه البركة الممتدة بمساحة ليست بقليلة، كانت بمثابة محور الحديقة التي ترتكز في الوسط وتتوزع حولها الشجيرات بمستويات مختلفة على أطراف المكان، بجانب الفازات العملاقة البيضاء التي انتقاها أوليفر لتكون في محاذاة حمام السباحة من الجهة الاخرى، أمام البوابة الخلفية للمنزل.
ونظرا لعشق اوليفر للطبيعة والاستمتاع بها فترة من الزمن في الصباح والمساء، فقد حرص على تصميم محطات وزوايا مختلفة للجلوس، ففي الجزء الرئيسي من الحديقة نجد مظلة على الطراز الغربي، على هيئة هرم من القرميد الأحمر، اتخذها أوليفر لتناول فطوره في الصباح الباكر، وفي الجهة الأخرى من الحوض نجد جلسة أخرى بطابع عربي، وتتوسط نهاية بركة السباحة، بطريقة فنية مبتكرة بحيث يحد الجلسة من كلا الجانبين جزء من الحوض، وتعلو الجلسة مظلة من القماش كعازل للماء، وعادة ما يلجاء إليها اوليفر لشرب قهوة المساء، على أوتار نسمات الليل.
لوحة جدارية مضاءة
على مقربة من الحديقة نجد جلسة مصنوعة من الخيزران، وهي محطة للاسترخاء، وتم استغلال الجدار الذي يقع خلف الجلسة، لرسم لوحة جدارية مضاءة على شكل أغصان محفورة في الجدار. لتطل بجمالها ليلا عندما يسدل الظلام ستائره على شجيرات الحديقة. وتتميز بإضاءة مستمدة من الطبيعة في مظهرها، كما يود أوليفر أن يستمتع بجمال الحديقة ليلا، بشكل لا يؤثر على جمالها وجاذبيتها، من هنا جاءت فكرة تصميم هذه الإنارة على شكل أغصان تنمو الوريقات عليها، كلوحة تشكل خلفية للجلسة التي عادة ما تكون ملاذا لأوليفر ليلا. ونظرا لضيق مساحة الحديقة التي تقع في الجهة الخلفية من المنزل، فنجد أن صاحب المنزل قد اعتمد اللون الأبيض في أثاث الحديقة ومنشآتها، لمنح المكان مزيدا من الاتساع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق